السبت، 3 نوفمبر 2012

مذكرات عاطل – الحلقة الثانية

مذكرات عاطل – الحلقة الثانية

(من جد وجد ومن سار على درب وصل), و(من زرع حصد), و(استبشروا بالخير تجدوه) و(لا يأس مع الحياة) و(الصبر مفتاح الفرج) و(مشوار ألف ميل يبدأ بالخطوة) و(لا يصح إلا الصحيح) كلمات استرشادية لأي عاطل, وإلا كان من الأفضل أن يموت أحسن..
وتلك الكلمات هي محور الحديث عن أو مع أي عاطل, لكن يجب أن نعلم أنه بتجربتي كعاطل فإن العاطلين ليسوا من نفس المستوى أو نوع البطالة..
فهناك العاطلين بالوراثة, وهم العاطلين من الوارثين لمال ولا يريدون أي عمل أو انهم غير فالحين في إدارة هذا المال فلا يقومون بأى شي إلا صرف هذا المال.
وهناك العاطلين بالإجبار وهم مجموعة الموظفين بالحكومة الذين تم تعيينهم صدقة جارية ليس أكثر وليس أقل فلا عمل لهم, بل لامكان لهم تجدهم في طرقات أي مصلحة أو على السلم.
وهناك نحن العاطلين بس حيث العاطل لدينا معناه “هو كل قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دون جدوى. “إي والله دون جدوى”.
كما أن لهذه للبطالة سلم خاص بها وأقدمية قد تؤهلها لترقي مراتبها, فأول الدرجات درجة عاطل حديث التخرج, وتعرفه عندما ترى أن حذائه مازال محتفظاً بنعله الأصلي ولمعة المصنع المتوهج, وذاك عاطل محترف أصاب من الوظائف خيرها وشرها فلم يسعه إلا حجر السيدة الفاضلة أمه, بينهما عاطل مبتدئ وعاطل على ذمة التحقيق وعاطل يبحث عن مخرج وعاطل مفكر … إلخ , ثم إن لهذه الوظيفة مكاتب إي والله, يعمل فيها موظف حكومي يقنعك بضرورة الإحتفاظ بمنصبك الحالي ويحذرك مخاطر التهور فى علاقة وظيفية لا تدري عقباها.
من خلال رحلتنا في عالم البطالة قد ننجح في اقتناص وظيفة أو أخرى بعض الوقت المشكلة الوحيدة في هذه الوظيفة أنها قد تكون بدون راتب, فوظيفة مندوب مبيعات أو مندوب تسويق وأخصائي علاقات عامة وغيرها وظائف في الغالب غير محتملة الأجر.
حتى أنهم ابتدعوا لعدم إثارة المشاكل نظم جديدة لمثل هذه الوظائف لا يوجد بها أجر اصلا ً, مثل البيع المباشر والتسويق الشبكي, ولكن للحق التعيين في هذه الوظائف تكسب العاطل مهارات جديدة ممكن تفيده في ارتقاء سلم البطالة.
وكما أصبحت ظاهرة التوريث ظاهرة وطنية – ولا تغيير في ذلك فمازال كل صاحب مصلحة قصير النظر يطالب بها – وبدأت تطول تلك الظاهرة مجتمع العاطلين فالشباب توارث الإحباط بعد أن صارت كل مؤهلاته فى الدنيا تؤدي به حتماً, فالوظائف بل التخصصات المهنية ليست موزعة في شكل وظائف شاغرة بل في شكل وظائف منتهية بالتمليك ..
القاضي ابنه وكيل نيابة … الدكتور ابنه دكتور … المحامي ابنه محامي … اللي شغال في شركة المياه ابنه شغال في شركة المياه … التاجر ابنه تاجر … النقاش ابنه نقاش … الخ ,
وهذا جعل ابن العاطل أصبح عاطلاً أيضاً وبكفاءة..
وكانوا أهلاً لها , ثم ورث النابهون والمتفوقون والعباقرة الكسلَ والخنوعَ، والإحساس بالصَّغَار والدونيّة أمام أولاد الذوات المحظوظين بآباء من سلالات نادرة، أهم مميزات تلك السلالة أنها كانت تحظى بوظيفة – ولو حقيرة – فى سالف الأيام , ولهذا كان تقبلنا نحن العاطلون لدعوات مثل دعوة المستشار الزند لتوريث القضاء أمر كان مفعولا ً مع الأخذ بالمقولة المأثورة “يا وارث مين يورثك” … وللحديث بقية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق