السبت، 3 نوفمبر 2012

مذكرات عاطل.. الحلقة الأولى

مذكرات عاطل.. الحلقة الأولى

على الرغم أن موضوع كتابة المذكرات قد يبدو شئ ممل بالنسبة لأي شخص، إلا إنه بالنسبة لي كعاطل فهي تقضي على الملل ..
فلا شئ من المفروض أنه يشغلني ولم أقم به خلال سنوات بطالتي الماضية، فوجدت كتابة مذكراتي شئ قد يكون مفيد، أو قد لا يكون لا أعلم، ولكنه يخرجني من حالة الضيق، كما يساعدني أو قد لا يساعد في تقييم ما أنا عليه.
بداية يجب أن أعرف نفسي ونظام حياتي، ولكن بالنسبة لنظام حياتي لا يمكن الجزم بنظام ثابت يحكم شاب عاطل عن العمل، الأوقات المنتظمة غالبا ما ترتبط بأوقات محددة في حياة المرء، ولا تحديد في حياة من انفتحت حياته على اللاشيء, وبالتالي أعذروني لا ملامح لنظام ثابت لي، إلا إذا كان في العبث ثبات ربما.‏
الاسم‏
أنا عاطل عن العمل، وأنا صاحب الاسم الأشهر في حياتنا، تتقاسمني الإحصائيات والنسب والدراسات والمقالات الصحفية والبيانات الحكومية والتصاريح والخطابات والخطط، والوعود والأحلام والحكايات..
وأنا هم من لا هم له، وأنا هدف الجميع (بلا حسد)، وأنا وأنا وأنا، أنا عاطل عن العمل.‏
المهنة‏
أيضاً عاطل عن العمل, حكاية مكررة ومملة عن شهادة جامعية قضيت حوالي ست عشرة سنة من عمري، لتركن أخيراً على جدار، تتآلف معه، تعتاده ويعتادها ويعتاد صاحبهما، أنا.. خيانتهما المشروعة.
هي شهادة جامعية قطعة ورق تشهد أني كنت وصرت صبرت وما نلت, وهو جدار يعرف أكثر مني معنى لحياته وثباته وصمته أما أنا انسان، عيب أن تبقى جيبي فارغة من النقود، عيب أن أقف أمام أبي لأطالبه بالمصروف، عيب أن أنام حتى الظهر كما الأطفال، عيب أن أجلس في البيت كالشئ، عيب وعيب وعيب وعيب أن أبقى كالبيت الوقف.‏
العنوان الدائم‏
بيت أبي وأمي، أو مقهى على الرصيف، أو شارع من الشوارع, وربما أمام احد اصحاب العمل في مقابلة شخصية ضمن مسابقات التوظيف، رقم من إجمالي قوة العمل الافتراضية (العاطلة) وفق معيار منظمة العمل الدولية، وعينة مثالية لاحصائيات وزارة القوى العاملة (العاطلة ) والدراسات الاقتصادية المختلفة، وبند لا يغيب عن كل تصويت انتخابي .‏
العنوان المؤقت‏
مفتوح على كل الاحتمالات: مندوب مبيعات، عربة خضار، فرشه (كل حاجة بأثنين ونص )، محل ملابس، سيارة تاكسي أو ميكروباص، أو توك توك.
المؤهلات العلمية‏ : جامعي سابق، عاطل حالي عن العمل.
الخبرات والمؤهلات الأخرى:‏ شهادة تخصص بملاحقة التفاصيل الأسبوعية لجريدة الوسيط، والأهرام ونشرة التوظيف التي تصدرها القوى العاملة، وكل مواقع التوظيف الداخلي والخارجي.

كل ما سبق هو احتمال ينطبق على كل العاطلين عن العمل، وكل الذين سيلتحقون بسوق العمل، نحن السابقون وهم اللاحقون..
ولأن دوام الحال من المحال، يبقى الأمل مشروعاً وعليه سيبقى (من جد وجد ومن سار على درب وصل)، و(من زرع حصد)، و(استبشروا بالخير تجدوه) و(لا يأس مع الحياة) و(الصبر مفتاح الفرج) و(مشوار ألف ميل يبدأ بالخطوة) و(لا يصح إلا الصحيح) و… للحديث بقية.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق